الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
تأخير الإجارة الفاسدة عن صحيحها لا يحتاج إلى معذرة لوقوعها في محلها منح. (قوله من العقود) احتراز عن العبادات، إذ لا فرق بين فاسدها وباطلها (قوله دون وصفه) وهو ما عرض عليه من الجهالة أو اشتراط شرط لا يقتضيه العقد حتى لو خلا عنه كان صحيحا ط. (قوله والباطل) كأن استأجر بميتة أو دم أو استأجر طيبا ليشمه أو شاة لتتبعها غنمه أو فحلا لينزو أو رجلا لينحت له صنما ط. (قوله ولا بوصفه)؛ لأنه حيث بطل الأصل تبعه الوصف (قوله وجوب أجر المثل) أي أجر شخص مماثل له في ذلك العمل، والاعتبار فيه لزمان الاستئجار ومكانه من جنس الدراهم والدنانير لا من جنس المسمى لو كان غيرهما، ولو اختلف أجر المثل بين الناس فالوسط والأجر يطيب وإن كان السبب حراما كما في المنية قهستاني، ونقل في المنح أن شمس الأئمة الحلواني قال تطيب الأجرة في الأجرة الفاسدة إذا كان أجر المثل، وذكر في المسألة قولين وأحدهما أصح فراجع نسخة صحيحة. وفي غرر الأفكار عن المحيط: ما أخذته الزانية إن كان بعقد الإجارة فحلال عند أبي حنيفة؛ لأن أجر المثل في الإجارة الفاسدة طيب وإن كان الكسب حراما وحرام عندهما وإن كان بغير عقد فحرام اتفاقا؛ لأنها أخذته بغير حق ا هـ. (قوله بالاستعمال) أي بحقيقة استيفاء المنفعة فلا يجب بالتمكن منها كما مر ويأتي إلا في الوقف على ما هو ظاهر عبارة الإسعاف كما مر أول كتاب الإجارة. (قوله لو المسمى معلوما) هذا إنما يصح لو زاد المصنف لا يتجاوز به المسمى كما فعل ابن الكمال تبعا للهداية والكنز، فكان على الشارح أن يقول إذا لم يكن مسمى أو لم يكن معلوما؛ لأن وجوب أجر المثل بالغا ما بلغ على ما أطلقه المصنف إنما يجب في هذين الصورتين أما لو علمت التسمية فلا يزاد على المسمى كما يأتي (قوله فإنه لا أجر فيه بالاستعمال) ظاهره ولو معدا للاستعمال؛ لأنه إنما يجب الأجر فيه إذا لم يستعمله بتأويل عقد أو ملك كما سلف وهنا استعمله بتأويل عقد باطل ويحرر ط. وفيه أن الباطل لا حكم له أصلا فوجوده كالعدم كما في البدائع تأمل، وينبغي وجوبه في الوقف ومال اليتيم؛ لأن ما ذكر من اشتراط عدم الاستعمال بتأويل إنما هو في المعد للاستغلال كما يأتي في الغصب. وفي البزازية: حيث قال والسكنى بتأويل ملك أو عقد في الوقف لا يمنع لزوم أجر المثل؛ وقيل دار اليتيم كالوقف. ثم ذكر: لو سكن في حوانيت مستغلة وادعى الملك لا يلزم الأجر، وإن برهن المالك عليه ثم قال المستأجر إذا سكن بعد فسخ الإجارة بتأويل، إن له حق الحبس حتى يستوفي الأجر الذي أعطاه عليه الأجرة إذا كانت معدة للاستغلال في المختار، وكذا في الوقف على المختار ا هـ. فتأمل. وقد صرحوا أنه لو اشترى دارا وسكنها ثم ظهر أنها وقف أو ليتيم لزم أجر المثل صيانة لما لهما كما مر في الوقف، وهو المعتمد ويأتي في الغصب (قوله بخلاف فاسد الإجارة)؛ لأن قبض المنفعة غير متصور إلا أنا أقمنا قبض العين مقام قبض المنفعة وذلك إنما يتأتى في العقد الصحيح ضرورة إتمامه. (قوله حتى لو قبضها إلخ) تفريع على عدم الملك في الفاسدة. (قوله وجب أجر المثل) أي على المستأجر الأول؛ لأنه يعد به مستعملا، ولا يكون بفعل ما ليس له فعله غاصبا حتى لا تجب عليه الأجرة. وأما المستأجر الثاني إذا سمى بينهما أجرا هل يجب المسمى نظرا للتسمية وهو الظاهر أو أجر المثل لترتبها على فاسد يحرر ط. (قوله وللأول) أي للمؤجر الأول نقض الثانية أي ويأخذ الدار؛ لأنه لو باع بيعا فاسدا ثم المشتري آجره فله أن ينقض الإجارة فكذا هذا بخلاف البيع؛ لأن الإجارة تفسخ بالأعذار والبيع لا، كذا في المضمرات منح (قوله جاز) وفي النصاب هو الصحيح. وفي السراجية: وبه أفتى ظهير الدين المرغيناني تتارخانية، ونقل ابن المصنف عن البزازية والعمادية والخلاصة مثله. قال الرملي: ومن طالع في كتبهم علم أن في المسألة اختلاف تصحيح وإفتاء ا هـ. أقول: لكن المعظم على الجواز كما ترى، ولذا عبر المصنف عن مقابله بقيل فيما سيأتي. وقال في البزازية يجوز في الصحيح. وقيل لا استدلالا بما لو دفع إليه دارا ليسكنها ويرمها ولا أجر وآجر المستأجر من غيره وانهدمت من سكنى الثاني ضمن اتفاقا؛ لأنه صار غاصبا. وأجابوا بأن العقد فيه إعارة لا إجارة؛ لأنه ذكر المرمة على سبيل المشورة لا الشرط ا هـ. (قوله وسيجيء) أي متنا آخر المتفرقات (قوله فكل) تفريع على مقدر أي الإجارة نوع من البيع إذ هي بيع المنافع. (قوله أو مدة) إلا فيما استثنى: قال في البزازية: إجارة السمسار والمنادي والحمامي والصكاك وما لا يقدر فيه الوقت ولا العمل تجوز لما كان للناس به حاجة ويطيب الأجر المأخوذ لو قدر أجر المثل وذكر أصلا يستخرج منه كثير من المسائل فراجعه في نوع المتفرقات والأجرة على المعاصي. (قوله وكشرط طعام عبد وعلف دابة) في الظهيرية: استأجر عبدا أو دابة على أن يكون علفها على المستأجر، ذكر في الكتاب أنه لا يجوز. وقال الفقيه أبو الليث: في الدابة نأخذ بقول المتقدمين، أما في زماننا فالعبد يأكل من مال المستأجر عادة ا هـ. قال الحموي: أي فيصح اشتراطه. واعترضه ط بقوله فرق بين الأكل من مال المستأجر بلا شرط ومنه بشرط ا هـ. أقول: المعروف كالمشروط، وبه يشعر كلام الفقيه كما لا يخفى على النبيه، ثم ظاهر كلام الفقيه أنه لو تعورف في الدابة ذلك يجوز تأمل. والحيلة أن يزيد في الأجرة قدر العلف ثم يوكله ربها بصرفه إليها، ولو خاف أن لا يصدقه فيه فالحيلة أن يعجله إلى المالك ثم يدفعه إليه المالك ويأمره بالاتفاق فيصير أمينا بزازية ملخصا. (قوله ومرمة الدار أو مغارمها) قال في البحر: وفي الخلاصة معزيا إلى الأصل: لو استأجر دارا على أن يعمرها ويعطي نوائبها تفسد؛ لأنه شرط مخالف لمقتضى العقد ا هـ. فعلم بهذا أن ما يقع في زماننا من إجارة أرض الوقف بأجرة معلومة على أن المغارم وكلفة الكاشف على المستأجر أو على أن الجرف على المستأجر فاسد كما لا يخفى ا هـ. أقول: وهو الواقع في زماننا، ولكن تارة يكتب في الحجة بصريح الشرط فيقول الكاتب: على أن ما ينوب المأجور من النوائب ونحوها كالدك وكري الأنهار على المستأجر، وتارة يقول وتوافقا على أن ما ينوب إلخ. والظاهر أن الكل مفسد؛ لأنه معروف بينهم وإن لم يذكر، والمعروف كالمشروط تأمل. (قوله أو خراج) قيل هذا خراج المقاسمة؛ لأنه مجهول، أما خراج الوظيفة فجائز، لكن الفتوى على أنه لا يجوز مطلقا ح عن المنح، وجعلا الفساد في حواشي الأشباه على قول الإمام؛ لأن الخراج على المؤجر عنده ط. ووجه المفتى به أن خراج الوظيفة قد ينقص إذا لم تطق الأرض ذلك فيلزم الجهالة أيضا (قوله بالشيوع) أي فيما يحتمل القسمة أو لا عنده وعليه الفتوى خانية. (قوله بأن يؤجر نصيبا من داره) أي ويجب أجر المثل هو الصحيح. وقيل لا ينعقد حتى لا يجب الأجر أصلا جامع الفصولين. (قوله أو نصيبه من دار مشتركة) فيه روايتان، والأظهر أنه لا يجوز نور العين عن الخانية. (قوله على الظاهر) أي ظاهر الرواية عند أبي حنيفة، ويفسدها في رواية جامع الفصولين. (قوله أو آجرا لواحد إلخ) أي تفسد في حصة الميت وتبقى في حصة الحي في الصورتين كما في جامع الفصولين. وفيه: ولو كله له فآجره من اثنين، فإن أجمل وقال: آجرت الدار منكما جاز وفاقا، ولو فصل بقوله نصفه منك ونصفه منك أو نحوه كثلث أو ربع يجب أن يكون عند أبي حنيفة على خلاف مر فيما إذا كان بينهما وآجر أحدهما النصف من أجنبي ا هـ. ومر أن عدم الجواز الأظهر: وعن هذا أفتى في الحامدية: في رجلين استأجرا معا سوية من زيد طاحونة بأن لفظ سوية بمنزلة التفصيل فتفسد. (قوله وهو الحيلة إلخ) الضمير راجع للطارئ: أي في بعض صوره وهي الصورة الأولى للفسخ المفهوم من فسخ، ومثله ما لو حكم به حاكم قال ط عن الهندية: والمحكم كالقاضي إن تعذرت المرافعة. (قوله فيجوز) أي في أظهر الروايتين خانية (قوله وجوزاه بكل حال) أي سواء كان من شريكه أو لا فيما يحتمل القسمة أو لا ح لكن بشرط بيان نصيبه، وإن لم يبين لا يجوز في الصحيح زيلعي. (قوله فلا يعول عليه) بل المعول عليه ما في الخانية أن الفتوى على قول الإمام، وبه جزم أصحاب المتون والشروح فكان هو المذهب، أفاده المصنف وعليه العمل اليوم. (قوله وفي البدائع إلخ) تخريج على قول الإمام ط (قوله وسلم جاز) ظاهره ولو بعد المجلس ويدل عليه ما بعد فإنه اعتبر الحكم ط. (قوله لم يجز) ينبغي أن تجوز إجارة بالتعاطي إذ لا مانع منه بعد فسخ الأولى رحمتي. مطلب في إجارة البناء (قوله ويفتى بجوازه إلخ) قال في الدر المنتقى: وذكر القهستاني أن الفتوى على جواز إجارة البناء وحده، وقيل لا؛ لأنه كالمشاع. قلت: لكن نص محمد أن من استأجر أرضا فبنى فيها بناء ثم آجرها من صاحبها استوجب من الأجر حصة البناء، فلولا جواز إجارة البناء لما استحق الأجر وقاسه على الفسطاط، وبه أفتى مشايخنا، ولو كان البناء ملكا والعرصة وقفا وآجر المتولي بإذن مالك البناء فالأجر ينقسم على البناء والعرصة، وجاز إجارة بنائه لمالك الأرض اتفاقا، وكذا لغيره على المفتى به، وتمامه في العمادية وأقره الباقاني ا هـ. وسيأتي تمامه آخر المتفرقات. (قوله يعني الوسط منه) أي من الفصل المذكور. والأوضح أن يقول أعني والواقع أنه قريب من النصف الثاني منه ط. (قوله كتسمية ثوب أو دابة) مثال لمجهول الكل وما بعده مثال مجهول البعض ويلزم منه جهالة الكل، فصح قوله بعد فيصير الأجر مجهولا. (قوله لصيرورة المرمة) أي نفقتها. (قوله وبعدم التسمية) كآجرتك داري شهرا أو سنة ولم يقل بكذا منح (قوله أو بتسمية خمر أو خنزير) يفيد أن هذه إجارة فاسدة لا باطلة ط أي فيخالف ما مر. (قوله يعني الوسط منه) أي عند اختلاف الناس فيه ط. (قوله لا بالتمكين) أي تمكين المالك له من الانتفاع. وفي بعض النسخ بالتمكن: أي تمكن المستأجر منه (قوله كما مر) أي متنا في قوله أول هذا الباب بالاستعمال، وفي قوله أول كتاب الإجارة. أما في الفاسدة فلا يجب إلا بحقيقة الانتفاع، وقدمنا تقييده بما إذا وجد التسليم إليه من جهة الإجارة، وتقدم هناك استثناء الوقف وما بحثه الشارح فراجعه. (قوله بالغا ما بلغ) أي إذا لم يبينه المؤجر بعد، أما إذا بينه فليس له أزيد منه. قال في الولوالجية: وإن تكارى دابة إلى بغداد، إن بلغه إياها فله رضاه فبلغه فقال رضاي عشرون درهما فله أجر مثلها إلا أن يكون أكثر من عشرين فلا يزاد عليها؛ لأن الأجر مجهول، ولا يزاد على عشرين؛ لأنه أبرأه عن الزيادة سائحاني (قوله ولا ينقص عن المسمى) هكذا يوجد في موضعين: الأول بعد قوله يعني الوسط منه، والثاني بعد قوله لعدم ما يرجع إليه، وأفاد المحشي أنه لا حاجة إلى هذه الزيادة بل لا معنى لها في الموضعين: أي؛ لأن المفروض جهالة المسمى قيل إلا أن يريد بالمسمى ما جهل بعضه كإجارتها بعشرة على أن يرمها ا هـ. أقول: لا يصح ذلك فإنه ذكر في الخانية أنه يجب في جهالته بعضا أو كلا أجر المثل بالغا ما بلغ ثم قال: فأما إذا فسد بحكم شرط فاسد ونحوه فلا يزاد على المسمى ا هـ. وكيف يصح ذلك مع قوله لعدم ما يرجع إليه. (قوله لم يزد على المسمى) فلو كان أجر المثل اثني عشر والمسمى عشرة فهي له. (قوله وينقص عنه) بأن كان المسمى خمسة عشر فله اثنا عشر. (قوله لفساد التسمية) أي بفساد العقد؛ لأنه إذا فسد الشيء فسد ما في ضمنه (قوله واستثنى الزيلعي إلخ) أي من كونه لا يزاد على المسمى إذا فسدت بالشرط، وقد تبع الشارح فيه صاحب البحر، وليس في كلام الزيلعي استثناء بل ظاهر كلامه أنه من فروع جهالة المسمى فراجعه. (قوله فسدت)؛ لأن فيه نفعا لرب الدار لا يقتضيه العقد؛ لأنه إذا لم يسكن فيها لا تمتلئ البالوعة والمتوضاة، وإن لم يكن في الدار بالوعة أو بئر وضوء لا تفسد بالشرط لعدم ما قلنا بزازية وغيرها. (قوله وحمله في البحر إلخ) حيث قال: وفيه يعني في استثناء الزيلعي نظر؛ لأن الأجرة إن لم تكن مسماة فهي المسألة المتقدمة، وإن كانت مسماة ينبغي أن لا يجاوز به المسمى كغيرها من الشروط، وقد ذكرها في الخلاصة ولم يتعرض للأجرة ا هـ. وظاهر كلامه اختيار الشق الأول بدليل ما ذكره عن الخلاصة. ووجه كونه من جهالة المسمى مع عدم التسمية أن الشرط المذكور فيه نفع للمالك وقد جعله بدلا وهو مجهول فيجب أجر المثل بالغا ما بلغ تأمل. (قوله لكن أرجعه إلخ) اعترض بأنه عين ما في البحر فلا وجه للاستدراك. قلت: قد يجاب أنه حمله على الشق الثاني، وهو ما إذا كانت الأجرة مسماة. ووجه إرجاعه إلى جهالة المسمى حينئذ أنه جعل الأجرة ذلك المسمى وعدم السكنى فصار نظير ما تقدم فيما لو استأجر بمائة درهم على أن يرمها المستأجر، وعلل الشارح المسألة بقوله لصيرورة المرمة من الأجر فيصير الأجر مجهولا. وحاصلة أنه بجهالة البعض يحصل جهالة الكل فلهذا قال أرجعه إلى جهالة المسمى، بخلاف ما في البحر فإنه محمول على جهالة الكل ابتداء، هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم.ثم رأيت في غاية البيان ما يدل على ما قلته، ولله تعالى الحمد، فإنه قال: إذا فسدت الإجارة لفوات شرط مرغوب من جهة الأجير كما لو آجر داره كل شهر بعشرة على أن يعمرها ويؤدي نوائبها فسدت، فإن لم يفعل يجب أجر المثل بالغا ما بلغ ولا ينقص عن المسمى؛ وكذا لو قال آجرتك هذه الدار شهرا بعشرة على أن لا تسكنها فسدت، فإن سكن يجب أجر المثل بالغا ما بلغ ولا ينقص عن المسمى، وهذا أيضا يرجع إلى جهالة المسمى في الحقيقة كذا قال فخر الدين قاضي خان ا هـ. فقد فرض المسألة فيما لو كان مسمى وشبهها بمسألة المرمة، وقال: وهذا أيضا يرجع إلى جهالة المسمى: أي كما يرجع الأول وهذا عين ما حملت عليه كلامه قبل أن أراه، والحمد لله (قوله فافهم) لعله إشارة إلى الفرق الذي ذكرناه، ونكات هذا الشارح الفاضل أدق من هذا كما يعرفه من مارس كلامه وعلم مرامه. (قوله قلت إلخ) هو منقول في جامع الفصولين سائحاني. أقول: بل تقدم متنا حيث قال: متولي أرض الوقف آجرها بغير أجر المثل يلزم مستأجرها تمام أجر المثل. وقال الشارح هناك عن مجمع الفتاوى: وكذا حكم وصي وأب ا هـ. ومما استثنى ما لو استأجر دارا بعبد معين فسكن شهرا ولم يدفع العبد حتى أعتقه صح وكان عليه للشهر الماضي أجر المثل بالغا ما بلغ وتنقض الإجارة فيما بقي لفسادها بإعتاقه، وفيها تفصيل ينظر في خزانة الأكمل. وفي البزازية: استأجرها على عين مسماة وسكن الدار وهلكت العين قبل التسليم أو استهلكها المستأجر يجب أجر المثل بالغا ما بلغ، بخلاف سائر الإجارات فإنه لا يزاد فيه على المسمى ا هـ. فهذا المسمى فيه معلوم معين ووجب الأجر بالغا ما بلغ (قوله ولم يدفعه) أما لو عجله وقبله المؤجر منه لا يزاد به عليه لرضاه وهل تنقلب صحيحة يراجع رحمتي. وفي الشرنبلالية وجوب أجر المثل غير متوقف على عدم دفعه إذ هو الواجب للفساد فلا مفهوم له بل هو بيان للواقع، بخلاف ما إذا عينه إلخ
(قوله حانوتا) مثال؛ لأنه لو استأجر ثورا ليطحن عليه كل يوم بدرهم فالحكم كذلك طوري. (قوله وفسد في الباقي) مقيد بثلاثة أمور تعلم مما بعده بألا يسكن فيما بعد الشهر الأول، وأن لا يعجل أجرته، وأن لا يسمي جملة الشهور، فإن وجد واحد منها صح فيه. وفي البزازية: فلو أبرأه عن أجرة الأبد لا يصح إلا عن شهر واحد (قوله لجهالتها) أي الشهور. (قوله متى دخل كل) أي لفظ كل (قوله فيما لا يعرف منتهاه) كالأشهر والأيام، وهذا يفيد أن قوله " كل شهر " مثال، فمثله " كل سنة " أو يوم أو أسبوع كما أفاده الرملي. (قوله تعين أدناه) أي تعين للصحة، إذ ما بعد الأول داخل تحت العقد ولهذا اشترط حضورهما عند الفسخ فهو فاسد لكن ينقلب صحيحا بالسكنى هكذا يستفاد من كلامه. ثم رأيت الطوري قال: وظاهر قوله صح في شهر واحد الفساد في الباقي: قال في المحيط: وهذا قول بعضهم. والصحيح أن الإجارة كل شهر جائزة، وإطلاق محمد يدل عليه، فيجوز العقد في الشهر الأول والثاني والثالث، وإنما يثبت خيار الفسخ في أول الثاني؛ لأنها مضافة إلى المستقبل ولكل منهما فسخ المضافة ا هـ. وهو مخالف لقول المصنف كالهداية والتبيين وفسد في الباقي، إلا أن يقال المراد بالفساد عدم اللزوم، وأطلق عليه ذلك؛ لأنه قابل للإفساد تأمل. (قوله بشرط حضور الآخر) والحيلة إذا غاب أن يؤجر من آخر فإذا انقضى الشهر صح للآخر في الثاني وانفسخ الأول كما في جامع الفصولين أي؛ لأنه يغتفر في الضمني ما لا يغتفر في الصريح سائحاني، وقدم الشارح ذلك قبيل هذا الباب. (قوله وبه يفتى) وهو ظاهر الرواية. وذكر بعض المشايخ أنه ساعة من أوله، وعليه مشى القدوري وصاحب الكنز وهو القياس وفيه حرج كذا في الهداية والزيلعي. قال الرملي: وفي البزازية الأصح أن وقت الفسخ اليوم الأول مع ليلته واليوم الثاني والثالث؛ لأنه خيار الفسخ في أول الشهر وأول الشهر هذا وعليه الفتوى ا هـ. وهذا خلاف القولين المذكورين، وقد صرح بأن الفتوى عليه فتأمل. فيه وفي قول الشارح وبه يفتى. وقد تقرر أنه إذا تعارضت الشروح والفتاوى فالاعتبار لما في الشروح ا هـ. أن ما في الشروح ظاهر الرواية كما علمت. (قوله حتى ينقضي) أي ذلك الشهر الذي سكن في أوله على الأقوال الثلاثة. (قوله إلا بعذر) أي من أعذار الفسخ الآتية. (قوله كما لو عجل) تنظير في الصحة لما في المتن. قال الزيلعي: فلا يكون لواحد منهما الفسخ في قدر المعجل أجرته؛ لأنه بالتقديم زالت الجهالة في ذلك القدر فيكون كالمسمى في العقد (قوله إلا أن يسمي الكل) استثناء من قوله وفسد في الباقي: أي كل ما قصد العقد عليه، وهذا كما إذا قال: آجرتها ستة أشهر كل شهر بكذا (قوله لزوال المانع) أي الذي كان في صورة عدم تسمية الكل (قوله وتقسم سوية) أي على المشهور، وفائدته تظهر في الفسخ أثناء المدة. وفي التتارخانية: ولو قال آجرتك سنة بألف كل شهر بمائة فقبل فهو إجارة بألف ومائتين كل شهر بمائة والأخير يكون فسخا للأول. قال الفقيه: وهذا إذا كان قصدا، فلو غلطا فالأجر هو الأول. (قوله إن سمى) بأن يقول: من شهر رجب من هذه السنة درر أي ما لم يكن خيار شرط، فإن كان فمن وقت سقوطه سري الدين عن الكافي ط (قوله والمراد اليوم الأول) أي لا وقت إبصار الهلال حقيقة. (قوله اعتبر الأهلة) حتى لو نقص الشهر يوما كان عليه كمال الأجرة بدائع (قوله وإلا فالأيام) أي وإن كان في أثناء الشهر فيعتبر الأيام؛ لأن الشهر الأول يكمل بالأيام من الثاني فيصير أول الثاني بالأيام فيكمل بالثالث وهكذا بدائع. (قوله وقال: يتم الأول بالأيام) وفي الذخيرة: إن عقد الإجارة على كل شهر بدرهم وإن وجدت في وسطه يعتبر كل شهر بالأيام بلا خلاف؛ لأنهما إنما يعتبران الأهلة إذا علم آخر المدة ليمكن تكميله منه ا هـ. وعن أبي يوسف رواية كأبي حنيفة. قال ابن الكمال: وعند محمد وهو رواية أخرى عن أبي يوسف: يعتبر الأول بالأيام ويكمل من الأخير ويعتبر الباقي بالأهلة، فإن آجر في عاشر ذي الحجة سنة فذو الحجة إن تم على ثلاثين يوما، فالسنة تتم عند محمد على عاشر ذي الحجة، وإن على تسعة وعشرين فالسنة تتم على الحادي عشر من ذي الحجة. فإن قلت: هلا يلزم أن يتكرر عيد الأضحى في سنة واحدة؟ قلت نعم، لكن في السنة التي قدرت بها مدة الإجارة لا في السنة المعروفة، فالمحذور غير لازم واللازم غير محذور ا هـ. (قوله كما مر) أي قبل ورقة ومر الكلام فيه. (قوله وجاز إجارة الحمام) قدمنا أن الإجارة اسم للأجرة: أي جاز أخذ الحمامي أجرة الحمام. وفي أبي السعود عن الحموي الحمام مؤنث في الأغلب وجمعه حمامات على القياس. وفي ذكرى أول من وضعه نبي الله سليمان عليه السلام. مطلب في حديث دخوله عليه الصلاة والسلام الحمام وحديث: «ما رآه المؤمنون حسنا». (قوله؛ لأنه عليه الصلاة والسلام دخل حمام الجحفة) قال منلا علي القاري: ذكر الدميري والنووي أنه ضعيف جدا، فقول شيخنا ابن حجر المكي في شرح الشمائل إنه موضوع باتفاق الحفاظ وإن وقع في كلام الدميري وغيره ليس في محله ا هـ. ملخصا. (قوله وللعرف)؛ لأن الناس في سائر الأمصار يدفعون أجرة الحمام وإن لم يعلم مقدار ما يستعمل من الماء ولا مقدار القعود، فدل إجماعهم على جواز ذلك وإن كان القياس يأباه لوروده على إتلاف العين مع الجهالة إتقاني. (قوله كما ذكره ابن حجر) وكذا رواه أحمد في كتاب السنة من حديث أبي وائل عن ابن مسعود قال: {إن الله نظر في قلوب العباد فاختار محمدا صلى الله عليه وسلم فبعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد فاختار أصحابنا فجعلهم أنصار دينه ووزراء نبيه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح» وهو موقوف حسن وكذا أخرجه البزار والطيالسي والطبراني في ترجمة ابن مسعود من الحلية ا هـ. من المقاصد الحسنة ط (قوله هو الصحيح) ومن العلماء من كرهه لما روي عن عمارة بن عقبة أنه قال: «قدمت على عثمان بن عفان فسألني عن مالي فأخبرته أن لي غلمانا وحماما له غلة فكره لي غلة الحجامين وغلة الحمام وقال: إنه بيت الشياطين، وسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم شر بيت» فإنه تكشف فيه العورات وتصب الغسالات والنجاسات. ومنهم من فصل بين حمام الرجال وحمام النساء زيلعي. (قوله لكثرة أسباب اغتسالهن) أي من الحيض والنفاس والجنابة، واستعمال الماء البارد قد يضر وقد لا يتمكن من الاستيعاب به وإزالة الوسخ زيلعي (قوله وقيل إلا لمريضة أو نفساء) روي في السنن مسندا إلى عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتا يقال لها الحمامات فلا يدخلها الرجال إلا بالإزار وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء» إتقاني. (قوله قلت إلخ) قائله ابن الهمام. أقول: ولا يختص ذلك بحمام النساء، فإن في ديارنا كشف العورة الخفيفة أو الغليظة متحقق من فسقة العوام الرجال فالذي ينبغي التفصيل، وهو إن كان الداخل يغض بصره بحيث لا يرى عورة أحد ولا يكشف عورته لأحد فلا كراهة مطلقا، وإلا فالكراهة في دخول الفريقين حيث كانت العلة ما ذكر فتدبر. (قوله؛ لأنه عليه الصلاة والسلام احتجم إلخ) روى البخاري مسندا إلى ابن عباس قال: «احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وأعطى الحجام أجره» ولو علم كراهية لم يعطه وفي رواية السنن ولو علمه خبيثا لم يعطه إتقاني (قوله وحديث النهي) وهو ما ذكره صاحب السنن بإسناده إلى رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «كسب الحجام خبيث، وثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث» إتقاني. (قوله منسوخ) أي بما روي: «أنه عليه الصلاة والسلام قال له رجل إن لي عيالا وغلاما حجاما أفأطعم عيالي من كسبه؟ قال نعم» زيلعي. وأجاب الأتقاني يحمل حديث الخبث على الكراهة طبعا من طريق المروءة لما فيه من الخسة والدناءة. قال: على أنا نقول راويه رافع ليس كابن عباس في الضبط والإتقان والفقه فيعمل بحديث ابن عباس دونه ا هـ. وفي الجوهرة: وإن شرط الحجام شيئا على الحجامة كره (قوله والظئر) بالجر عطفا على الحمام. (قوله بكسر فهمز) أي همزة ساكنة ويجوز تخفيفها حموي. (قوله المرضعة) خبر لمبتدأ محذوف. وفي القاموس: الظئر العاطفة على ولد غيرها المرضعة له في الناس وغيرهم للذكر والأنثى وجمعه أظؤر وأظآر وظئور وظئورة وظؤار وظؤرة (قوله لتعامل الناس) علة للجواز وهذا استحسان؛ لأنها ترد على استهلاك العين وهو اللبن: ويشترط التوقيت إجماعا حموي عن المنصورية: والإطلاق مشير إلى أنه يجوز للمسلمة أن تؤجر نفسها لإرضاع ولد الكافر وبه صرح في الخانية: بخلاف ما إذا أجرت نفسها لخدمة الكافر فإنه لا يجوز، قال في الأشباه: استأجر نصراني مسلما للخدمة لم يجز، ولغيرها جاز إن وقت أبو السعود (قوله بخلاف بقية الحيوانات) أي بخلاف استئجارها للإرضاع: وفي التتارخانية: استأجر بقرة ليشرب اللبن أو كرما أو شجرا ليأكل ثمره أو أرضا ليرعى غنمه القصيل أو شاة ليجز صوفها فهو فاسد كله وعليه قيمة الثمرة والصوف والقصيل؛ لأنه ملك الآجر وقد استوفاه بعقد فاسد، بخلاف ما إذا استأجر أرضه ليرعى الكلأ. (قوله وكذا بطعامها وكسوتها) أشار إلى أنها مسألة مستقلة وأنهما عليها إن لم يشترطا على المستأجر بالعقد. (قوله لجريان العادة إلخ) جواب عن قولهما لا تجوز؛ لأن الأجرة مجهولة. ووجهه أن العادة لما جرت بالتوسعة على الظئر شفقة على الولد لم تكن الجهالة مفضية إلى النزاع، والجهالة ليست بمانعة لذاتها بل لكونها مفضية إلى النزاع. (قوله وللزوج أن يطأها) أي وإن رضي بالإجارة فليس للمستأجر منعه مخافة الحبل؛ لأنه ضرر موهوم والمنع من الوطء ضرر متحقق وليس للظئر أن تمنعه نفسها إتقاني. (قوله شانه إجارتها أو لا) أي سواء كانت الإجارة تشين الزوج: أي تعيبه بأن كان وجيها بين الناس أو لا، لما أن له أن يمنعها من الخروج وأن يمنع الصبي الدخول عليها ولأن الإرضاع والسهر بالليل يضعفها ويذهب جمالها فكان له المنع كما يمنعها من الصيام تطوعا زيلعي. (قوله وللمستأجر فسخها إلخ)؛ لأن لبن الحبلى والمريضة يضر بالصغير وهي يضرها أيضا الرضاع، فكان لها ولهم الخيار ولها أيضا الفسخ بأذية أهله لها وكذا إذا لم تجر لها عادة بإرضاع ولد غيرها وكذا إذا عيروها به؛ لأنها تتضرر به على ما قيل: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها زيلعي، وهذا إذا أمكن معالجته بالغذاء أو بأخذ لبن للغير وإلا فليس لها الفسخ وعليه الفتوى كما بسطه في التتارخانية. (قوله وفجورها) أي زناها؛ لأنها تشتغل به عن حفظ الصبي. (قوله ونحو ذلك) كما إذا أرادوا سفرا وأبت الخروج معهم أو كانت بذية اللسان أو سارقة أو يتقيأ لبنها أو لا يأخذ ثديها، وكذا كل ما يضر بالصبي لا محالة نحو الخروج من منزله زمانا كثيرا وما أشبهه فلهم أن يمنعوها عنه لا ما لا يضر، وأما ما كان فيه وهم الضرر فليس لهم منعها عنه، وليس عليها أن ترضعه في منزل الأب ما لم يكن عرف بين الناس أو يشترطوا ذلك عليها تتارخانية وغيرها. (قوله لا بكفرها)؛ لأن كفرها في اعتقادها زيلعي. قال ط: ويخالفه في الخانية إذا ظهرت الظئر كافرة أو مجنونة أو زانية أو حمقى فلهم فسخ الإجارة. (قوله ولو مات أبوه لا) أي لا تنتقض؛ لأن الإجارة واقعة للصبي لا للأب سواء كان له مال أو لا، ولهذا لو كان للصبي مال تجب الأجرة من ماله إذ هي كالنفقة زيلعي (قوله وثيابه) بالجر عطف على الصبي وأطلق في غسل الثياب. وفي الكفاية: الصحيح أن غسل ثياب الصبي من البول ونحوه عليها ومن الوسخ والدرن لا يكون عليها حموي، ومثله في شرح المجمع. (قوله وإصلاح طعامه) يريد به أن تصنع له الطعام ولا تأكل شيئا يفسد لبنها ويضر به تتارخانية عن المضمرات. (قوله فعادة أهل الكوفة) وقد قالوا في توابع العقود التي لا ذكر لها فيها: إنها تحمل على عادة كل بلد كالسلك على الخياط، والدقيق الذي يصلح الحائك به الثوب على رب الثوب، وإدخال الحنطة المنزل على المكاري، بخلاف الصعود بها إلى الغرفة أو السطح، والإكاف على رب الدابة، والحبال والجوالق على ما تعارفوه بدائع ملخصا. (قوله على أبيه) قال في التتارخانية وفي الظهيرية: ولو لم يكن له مال حين استأجرها الأب ثم أصاب الصغير مالا، قال سئل والدي عنها، فقال: قيل: أجر ما مضى على الأب وما بقي في مال الصغير ا هـ. وفيها إرضاع اليتيم على من تجب عليه نفقته، فإن كان لا وارث له ففي بيت المال (قوله فإن أرضعته بلبن شاة) أي بأن أقرت به أو شهدت بينة به، وإن جحدت فالقول لها مع يمينها استحسانا، ولو شهدوا أنها ما أرضعت بلبن نفسها لم يقبل لقيامها على النفي مقصودا بخلاف الأول لدخوله في ضمن الإثبات وإن أقام فالبينة بينة الظئر كما في الذخيرة شرنبلالية. (قوله؛ لأن الصحيح إلخ) أي فلم تأت بالعمل الواجب عليها وهو الإرضاع وهذا إيجار وليس بإرضاع. وفي المحيط: استأجر شاة لترضع جديا أو صبيا لا يجوز؛ لأن للبن البهائم قيمة فوقعت الإجارة عليه وهو مجهول فلا يجوز، وليس للبن المرأة قيمة فلا تقع الإجارة عليه وإنما تقع على فعل الإرضاع والتربية والحضانة زيلعي. (قوله هو الإرضاع) وهو ما يقع بلبن الآدمية وما وراءه يكون إطعاما إتقاني. (قوله لا اللبن) أي مطلقا ط. (قوله حيث تستحق الأجرة) أي استحسانا؛ لأن الإنسان تارة يعمل بنفسه وتارة بغيره ولأنها لما عملت بأمر الأولى صار كأنها عملت بنفسها بدائع. (قوله عن الذخيرة) ونصها: اختلف المشايخ فيه، والصحيح أنها لا تستحق ا هـ. ومثله في التتارخانية (قوله لذلك) أي للإرضاع. (قوله ولم يعلم الأولون) أي حتى يفسخوا هذه الإجارة تتارخانية، ومفاده أن لهم فسخ الثانية. (قوله أثمت)؛ لأنه استحق عليها كمال الرضاع، فلما أرضعت صبيين فقد أضرت بأحدهما لنقصان اللبن. (قوله ولها الأجر كاملا على الفريقين) ويطيب لها، ولا ينقص من الأجر الأول إن أرضعت ولدهم في المدة المشروطة ويطرح من الأجر بقدر ما تخلفت تتارخانية. (قوله لشبهها بالأجير الخاص والمشترك) جواب إشكال، وهو أن أجير الواحد ليس له أن يؤجر نفسه من آخر، فإن آجر لا يستحق تمام الأجر على المستأجر الأول ويأثم. قال في الذخيرة: وهذا لا يشكل إذا قال أبو الصغير: استأجرتك لترضعي ولدي هذا سنة بكذا؛ لأنها في هذه الصورة أجيرة مشتركة؛ لأنه أوقع العقد أولا على العمل وإنما يشكل إذا قال: استأجرتك سنة لترضعي إلخ؛ لأنه أوقع العقد على المدة أولا وسيأتي بيانه والوجه أن الأجير الواحد في الرضاع يشبه المشترك من حيث إنه يمكنه إيفاء العمل بتمامه إلى كل واحد منهما كالخياط، وإن كان أجير واحد فتأثم لشبهها بأجير الواحد ولها الأجر كاملا لشبهها بالمشترك ا هـ. ملخصا (قوله لا تصح الإجارة لعسب التيس)؛ لأنه عمل لا يقدر عليه وهو الإحبال. مطلب في الاستئجار على المعاصي (قوله مثل الغناء) بالكسر والمد الصوت، وأما المقصور فهو اليسار صحاح (قوله والنوح) البكاء على الميت وتعديد محاسنه (قوله والملاهي) كالمزامير والطبل، وإذا كان الطبل لغير اللهو فلا بأس به كطبل الغزاة والعرس لما في الأجناس: ولا بأس أن يكون ليلة العرس دف يضرب به ليعلن به النكاح. وفي الولوالجية: وإن كان للغزو أو القافلة يجوز إتقاني ملخصا. (قوله يباح) كذا في المحيط. وفي المنتقى: امرأة نائحة أو صاحبة طبل أو زمر اكتسبت مالا ردته على أربابه إن علموا وإلا تتصدق به، وإن من غير شرط فهو لها: قال الإمام الأستاذ لا يطيب، والمعروف كالمشروط ا هـ. قلت: وهذا مما يتعين الأخذ به في زماننا لعلمهم أنهم لا يذهبون إلا بأجر ألبتة ط. مطلب في الاستئجار على الطاعات (قوله ولا لأجل الطاعات) الأصل أن كل طاعة يختص بها المسلم لا يجوز الاستئجار عليها عندنا لقوله عليه الصلاة والسلام: «اقرءوا القرآن ولا تأكلوا به» وفي آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمرو بن العاص «وإن اتخذت مؤذنا فلا تأخذ على الأذان أجرا» ولأن القربة متى حصلت وقعت على العامل ولهذا تتعين أهليته، فلا يجوز له أخذ الأجرة من غيره كما في الصوم والصلاة هداية. مطلب تحرير مهم في عدم جواز الاستئجار على التلاوة والتهليل ونحوه مما لا ضرورة إليه. (قوله ويفتى اليوم بصحتها لتعليم القرآن إلخ) قال في الهداية: وبعض مشايخنا - رحمهم الله تعالى - استحسنوا الاستئجار على تعليم القرآن اليوم لظهور التواني في الأمور الدينية، ففي الامتناع تضييع حفظ القرآن وعليه الفتوى ا هـ. وقد اقتصر على استثناء تعليم القرآن أيضا في متن الكنز ومتن مواهب الرحمن وكثير من الكتب، وزاد في مختصر الوقاية ومتن الإصلاح تعليم الفقه، وزاد في متن المجمع الإمامة، ومثله في متن الملتقى ودرر البحار. وزاد بعضهم الأذان والإقامة والوعظ، وذكر المصنف معظمها، ولكن الذي في أكثر الكتب الاقتصار على ما في الهداية، فهذا مجموع ما أفتى به المتأخرون من مشايخنا وهم البلخيون على خلاف في بعضه مخالفين ما ذهب إليه الإمام وصاحباه، وقد اتفقت كلمتهم جميعا في الشروح والفتاوى على التعليل بالضرورة وهي خشية ضياع القرآن كما في الهداية، وقد نقلت لك ما في مشاهير متون المذهب الموضوعة للفتوى فلا حاجة إلى نقل ما في الشروح والفتاوى، وقد اتفقت كلمتهم جميعا على التصريح بأصل المذهب من عدم الجواز، ثم استثنوا بعده ما علمته، فهذا دليل قاطع وبرهان ساطع على أن المفتى به ليس هو جواز الاستئجار على كل طاعة بل على ما ذكروه فقط مما فيه ضرورة ظاهرة تبيح الخروج عن أصل المذهب من طرو المنع، فإن مفاهيم الكتب حجة ولو مفهوم لقب على ما صرح به الأصوليون بل هو منطوق، فإن الاستثناء من أدوات العموم كما صرحوا به أيضا. وأجمعوا على أن الحج عن الغير بطريق النيابة لا الاستئجار، ولهذا لو فضل مع النائب شيء من النفقة يجب عليه رده للأصيل أو ورثته، ولو كان أجرة لما وجب رده، فظهر لك بهذا عدم صحة ما في الجوهرة من قوله واختلفوا في الاستئجار على قراءة القرآن مدة معلومة. قال بعضهم: لا يجوز: وقال بعضهم: يجوز وهو المختار ا هـ. والصواب أن يقال على تعليم القرآن، فإن الخلاف فيه كما علمت لا في القراءة المجردة فإنه لا ضرورة فيها، فإن كان ما في الجوهرة سبق قلم فلا كلام، وإن كان عن عمد فهو مخالف لكلامهم قاطبة فلا يقبل. وقد أطنب في رده صاحب تبيين المحارم مستندا إلى النقول الصريحة، فمن جملة كلامه قال تاج الشريعة في شرح الهداية: إن القرآن بالأجرة لا يستحق الثواب لا للميت ولا للقارئ. وقال العيني في شرح الهداية: ويمنع القارئ للدنيا، والآخذ والمعطي آثمان. فالحاصل أن ما شاع في زماننا من قراءة الأجزاء بالأجرة لا يجوز؛ لأن فيه الأمر بالقراءة وإعطاء الثواب للآمر والقراءة لأجل المال؛ فإذا لم يكن للقارئ ثواب لعدم النية الصحيحة فأين يصل الثواب إلى المستأجر ولولا الأجرة ما قرأ أحد لأحد في هذا الزمان بل جعلوا القرآن العظيم مكسبا ووسيلة إلى جمع الدنيا - إنا لله وإنا إليه راجعون - ا هـ. وقد اغتر بما في الجوهرة صاحب البحر في كتاب الوقف وتبعه الشارح في كتاب الوصايا حيث يشعر كلامها بجواز الاستئجار على كل الطاعات ومنها القراءة. وقد رده الشيخ خير الدين الرملي في حاشية البحر في كتاب الوقف حيث قال: أقول المفتى به جواز الأخذ استحسانا على تعليم القرآن لا على القراءة المجردة كما صرح به في التتارخانية حيث قال: لا معنى لهذه الوصية ولصلة القارئ بقراءته؛ لأن هذا بمنزلة الأجرة والإجارة في ذلك باطلة وهي بدعة ولم يفعلها أحد من الخلفاء، وقد ذكرنا مسألة تعليم القرآن على استحسان ا هـ. يعني الضرورة ولا ضرورة في الاستئجار على القراءة على القبر. وفي الزيلعي وكثير من الكتب: لو لم يفتح لهم باب التعليم بالأجر لذهب القرآن فأفتوا بجوازه ورأوه حسنا فتنبه ا هـ. كلام الرملي. وما في التتارخانية فيه رد على من قال: لو أوصى لقارئ يقرأ على قبره بكذا ينبغي أن يجوز على وجه الصلة دون الأجر، وممن صرح ببطلان هذه الوصية صاحب الولوالجية والمحيط والبزازية، وفيه رد أيضا على صاحب البحر حيث علل البطلان بأنه مبني على القول بكراهة القرآن على القبر وليس كذلك، بل لما فيه من شبه الاستئجار على القراءة كما علمت، وصرح به في الاختيار وغيره، ولذا قال في الولوالجية ما نصه: ولو زار قبر صديق أو قريب له وقرأ عنده شيئا من القرآن فهو حسن، أما الوصية بذلك فلا معنى لها ولا معنى أيضا لصلة القارئ؛ لأن ذلك يشبه استئجاره على قراءة القرآن وذلك باطل ولم يفعل ذلك أحد من الخلفاء ا هـ. إذ لو كانت العلة ما قاله لم يصح قوله هنا فهو حسن، وممن أفتى ببطلان هذه الوصية الخير الرملي كما هو مبسوط في وصايا فتاواه فراجعها. ونقل العلامة الخلوتي في حاشية المنتهى الحنبلي عن شيخ الإسلام تقي الدين ما نصه: ولا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها إلى الميت؛ لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الإذن في ذلك. وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له فأي شيء يهديه إلى الميت، وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح، والاستئجار على مجرد التلاوة لم يقل به أحد من الأئمة، وإنما تنازعوا في الاستئجار على التعليم ا هـ. بحروفه، وممن صرح بذلك أيضا الإمام البركوي قدس سره في آخر الطريقة المحمدية فقال: الفصل الثالث في أمور مبتدعة باطلة أكب الناس عليها على ظن أنها قرب مقصودة إلى أن قال: ومنها الوصية من الميت باتخاذ الطعام والضيافة يوم موته أو بعده وبإعطاء دراهم لمن يتلو القرآن لروحه أو يسبح أو يهلل له وكلها بدع منكرات باطلة، والمأخوذ منها حرام للآخذ، وهو عاص بالتلاوة والذكر لأجل الدنيا ا هـ. ملخصا. وذكر أن له فيها أربع رسائل. فإذا علمت ذلك ظهر لك حقيقة ما قلناه وأن خلافه خارج عن المذهب وعما أفتى به البلخيون وما أطبق عليه أئمتنا متونا وشروحا وفتاوى، ولا ينكر ذلك إلا غمر مكابر أو جاهل لا يفهم كلام الأكابر، وما استدل به بعض المحشين على الجواز بحديث البخاري في اللديغ فهو خطأ؛ لأن المتقدمين المانعين الاستئجار مطلقا جوزوا الرقية بالأجرة ولو بالقرآن كما ذكره الطحاوي؛ لأنها ليست عبادة محضة بل من التداوي. وما نقل عن بعض الهوامش وعزى إلى الحاوي الزاهدي من أنه لا يجوز الاستئجار على الختم بأقل من خمسة وأربعين درهما فخارج عما اتفق عليه أهل المذهب قاطبة. وحينئذ فقد ظهر لك بطلان ما أكب عليه أهل العصر من الوصية بالختمات والتهاليل مع قطع النظر عما يحصل فيها من المنكرات التي لا ينكرها إلا من طمست بصيرته، وقد جمعت فيها رسالة سميتها شفاء العليل وبل الغليل في حكم الوصية بالختمات والتهاليل وأتيت فيها بالعجب العجاب لذوي الألباب، وما ذكرته هنا بالنسبة إليها كقطرة من بحر أو شذرة من عقد نحر، وأطلعت عليها محشي هذا الكتاب فقيه عصره ووحيد دهره السيد أحمد الطحاوي مفتي مصر سابقا فكتب عليها وأثنى الثناء الجميل، فالله يجزيه الخير الجزيل، وكتب عليها غيره من فقهاء العصر. (قوله فسدت في الكل) ويجب أجر المثل لا يجاوز به المسمى زيلعي (قوله بجزء من عمله) أي ببعض ما يخرج من عمله، والقدرة على التسليم شرط وهو لا يقدر بنفسه زيلعي. (قوله عن قفيز الطحان) وهو المسألة الثالثة التي ذكرها المصنف كما ذكره الزيلعي. (قوله والحيلة أن يفرز الأجر أولا) أي ويسلمه إلى الأجير، فلو خلطه بعد وطحن الكل ثم أفرز الأجرة ورد الباقي جاز، ولا يكون في معنى قفيز الطحان إذ لم يستأجره أن يطحن بجزء منه أو بقفيز منه كما في المنح عن جواهر الفتاوى. قال الرملي: وبه علم بالأولى جواز ما يفعل في ديارنا من أخذ الأجرة من الحنطة والدراهم معا ولا شك في جوازه ا هـ. (قوله بلا تعيين) أي من غير أن يشترط أنه من المحمول أو من المطحون فيجب في ذمة المستأجر زيلعي (قوله نصف هذا الطعام) قيد بالنصف؛ لأنه لو استأجره ليحمل الكل بنصفه لا يكون شريكا فيجب أجر المثل وهي مسألة المتن. (قوله لا أجر له أصلا) أي لا المسمى ولا أجر المثل عناية. (قوله لصيرورته شريكا) قال الزيلعي؛ لأن الأجير ملك النصف في الحال بالتعجيل فصار الطعام مشتركا بينهما فلا يستحق الأجر؛ لأنه لا يعمل شيئا لشريكه إلا ويقع بعضه لنفسه هكذا قالوا. وفيه إشكالان: أحدهما أن الإجارة فاسدة والأجرة لا تملك بالصحيحة منها بالعقد عندنا سواء كان عينا أو دينا على ما بيناه من قبل، فكيف ملكه هنا من غير تسليم ومن غير شرط التعجيل. والثاني أنه قال ملكه في الحال، وقوله لا يستحق الأجر ينافي الملك؛ لأنه لا يملكه إذا ملكه إلا بطريق الأجرة، فإذا لم يستحق شيئا فكيف يملكه وبأي سبب يملكه ا هـ. (قوله أجاب عنه المصنف) قلت: وأجاب في الحواشي السعدية بقوله لعل مرادهم: أي بقولهم لا يستحق الأجر نفي الملك؛ لأن وجوده يؤدي إلى عدمه، وما هو كذلك يبطل، فقولهم ملك الأجر في الحال كلام على سبيل الفرض والتقدير، والظاهر أن وضع المسألة فيما إذا سلم إلى الأجير كل الطعام فيكون تقدير الكلام لو وجب الأجر في الصورة المفروضة لملك الأجير الأجرة في الحال بالتعجيل، والثاني باطل إذ يكون حينئذ مشتركا فيفضي إلى عدم وجوب الأجرة، وكل ما أفضى وجوده إلى انتفاء لزومه فهو باطل ا هـ. وحاصل جواب المصنف عن الأول أن الأجرة هنا معجلة كما صرح به الزيلعي في صدر تقريره، وهي تملك بالتعجيل كما تملك باشتراطه. وعن الثاني أنه لما ملكه بالتعجيل وعمل تبين بعد العمل عدم استحقاقه لشيء من الأجرة، كما لو عجلها عند العقد فاستحقها مستحق تبين كونه ليس بمالك لها ا هـ. وفيه نظر، فإن هذا العقد لا يخلو إما أن يكون باطلا أو فاسدا أو صحيحا، أما الباطل فلا أجر فيه أصلا كما مر أول الباب فكيف يملك بالتعجيل، وأما الفاسد فلا يجب الأجر إلا بحقيقة الانتفاع كما مر مرارا فلا يملك بالتعجيل أيضا قبل العمل وبعد العمل يجب أجر المثل. وفرض المسألة هنا أنه لا أجر أصلا. وأما الصحيح فيملك الأجر فيه بالتعجيل مع الإفراز وهنا حصل في ضمن التسليم، إذ لو أفزره وسلمه إلى الأجير ثم خلطه وحمل الكل معا جاز كما قدمناه آنفا عن جواهر الفتاوى إلا أن يقال انعقد صحيحا ثم طرأ عليه الفساد عند العمل قبل الإفراز، وحينئذ فقول الزيلعي: إن هذه الإجارة فاسدة، أي مآلا، أما في الحال فهي صحيحة فليتأمل. مطلب يخص القياس والأثر بالعرف العام دون الخاص (قوله كما زعمه مشايخ بلخ) قال في التبيين: ومشايخ بلخ والنسفي يجيزون حمل الطعام ببعض المحمول ونسج الثوب ببعض المنسوج لتعامل أهل بلادهم بذلك، ومن لم يجوزه قاسه على قفيز الطحان. والقياس يترك بالتعارف. ولئن قلنا: إنه ليس بطريق القياس بل النص يتناوله دلالة فالنص يخص بالتعارف ألا ترى أن الاستصناع ترك القياس فيه، وخص من القواعد الشرعية بالتعامل، ومشايخنا - رحمهم الله - لم يجوزوا هذا التخصيص؛ لأن ذلك تعامل أهل بلدة واحدة وبه لا يخص الأثر، بخلاف الاستصناع فإن التعامل به جرى في كل البلاد، وبمثله يترك القياس ويخص الأثر ا هـ. وفي العناية: فإن قيل لا نتركه بل يخص عن الدلالة بعض ما في معنى قفيز الطحان بالعرف كما فعل بعض مشايخ بلخ في الثياب لجريان عرفهم بذلك. قلت: الدلالة لا عموم لها حتى تخص ا هـ. (قوله فيفضي للمنازعة) فيقول المؤجر المعقود عليه: العمل والوقت ذكر للتعجيل ويقول المستأجر: بل هو الوقت والعمل للبيان. وقال الصاحبان: هي صحيحة، ويقع العقد على العمل، وذكر الوقت للتعجيل تصحيحا للعقد عند تعذر الجمع بينهما فترتفع الجهالة. وظاهر كلام الزيلعي ترجيح قولهما وهذا إذا أخر الأجرة، أما إذا وسطها فالمعقود عليه المتقدم لتمام العقد بذكر الأجر ثم المتأخر إن كان وقتا فللتعجيل، وإن كان عملا فلبيان العمل في ذلك الوقت فلا يفسد كما نقله ابن الكمال عن الخانية ومثله في القهستاني عن الكرماني. وزاد عن المنية وإذا قدمها فسد أيضا. ثم اعلم أن هذا الخلاف أيضا فيما إذا كان العمل مبين المقدار معلوما حتى يصلح لكونه معقودا عليه فيزاحم الوقت فيفسد ولذا قال ليخبز له كذا قفيز دقيق، فلو لم يبين صح؛ لأنه لجهالته كأنه لم يذكر إلا الوقت، كما إذا استأجر رجلا يوما ليبني له بالآجر والجص جاز بلا خلاف، فلو بين العمل على وجه يجوز إيراد العقد عليه بأن بين قدر البناء لا يجوز عند الإمام كما ذكره في الأصل، وحينئذ فلا يشكل ما سيأتي في بحث الأجير الخاص لو استأجره شهرا لرعي الغنم بكذا صح مع أن فيه الجمع بين المدة والعمل؛ لأنه لم يبين قدر الغنم المرعي كما نبه عليه العلامة الطوري فاحفظه (قوله جازت إجماعا) أما في الأول وهو رواية عن الإمام كما ذكره الزيلعي فلأن كلمة في للظرف لا لتقدير المدة فلا تقتضي الاستغراق فكان المعقود عليه العمل وهو معلوم، بخلاف ما إذا حذفت فإنه يقتضي الاستغراق، وقد مر نظيره في الطلاق في قوله: أنت طالق غدا أو في الغد: وأما في الثاني فلأن اليوم لم يذكر مقصودا كالعمل حتى يضاف العقد إليهما بل ذكر لإثبات صفة في العمل والصفة تابعة للموصوف غير مقصودة بالعقد كما في التبيين. (قوله بشرط أن يثنيها) في القاموس ثناه تثنية جعله اثنين ا هـ. وهو على حذف مضاف أي يثني حرثها. وفي المنح إن كان المراد أن يردها مكروبة فلا شك في فساده، وإلا فإن كانت الأرض لا تخرج الريع إلا بالكراب مرتين لا يفسد وإن مما تخرج بدونه، فإن كان أثره يبقى بعد انتهاء العقد يفسد؛ لأن فيه منفعة لرب الأرض وإلا فلا ا هـ. ملخصا. وذكر في التتارخانية عن شيخ الإسلام ما حاصله أن الفساد فيما إذا شرط ردها مكروبة بكراب يكون في مدة الإجارة، أما إذا قال: على أن تكربها بعد مضي المدة أو أطلق صح وانصرف إلى الكراب بعده. قال: وفي الصغرى واستفدنا هذا التفصيل من جهته وبه يفتى ا هـ. قلت: ووجهه أن الكراب يكون حينئذ من الأجرة تأمل. (قوله أي يحرثها) فالحرث هو الكرب وهو إثارة الأرض للزراعة كالكراب قاموس. (قوله أو يكري) من باب رمى أي يحفر. (قوله العظام)؛ لأن أثره يبقى إلى القابل عادة، بخلاف الجداول أي الصغار فلا تفسد بشرط كربها هو الصحيح ابن كمال. (قوله أو يسرقنها) أي يضع فيها السرقين وهو الزبل لتهييج الزرع ط. (قوله فلو لم تبق) بأن كانت المدة طويلة لم تفسد؛ لأنه لنفع المستأجر فقط. (قوله أو بشرط أن يزرعها إلخ) أي استأجر أرضا ليزرعها وتكون الأجرة أن يزرع المؤجر أرضا أخرى هي للمستأجر لا يجوز عندنا منح فهو إجارة المنفعة بالمنفعة المتحدة، وسيأتي الكلام فيها (قوله لما يجيء) أي قريبا ح. (قوله أن الجنس بانفراده يحرم النساء) والزراعة المطلقة من جنس الزراعة المطلقة. فإن قلت: العين قائمة مقام المنفعة على ما هو مقرر فلم يوجد النساء: قلنا: العين إنما تقام مقام المنفعة على خلاف القياس للضرورة وذلك فيما إذا وقعت المنفعة معقودا عليها وهي في مسألتنا ما لم يصحبه الباء فما صحبه لا تقام العين فيه مقام المنفعة فبقي على الأصل فكانت نسيئة ح. (قوله؛ لأنه شرط يقتضيه العقد)؛ لأن نفعه للمستأجر فقط (قوله فلا أجر له) أي لا المسمى ولا أجر المثل زيلعي؛ لأن الأجر يجب في الفاسدة إذا كان له نظير من الإجارة الجائزة وهذه لا نظير لها إتقاني، وظاهر كلام قاضي خان في الجامع أن العقد باطل؛ لأنه قال: لا ينعقد العقد تأمل. (قوله؛ لأنه لا يعمل إلخ) فإن قيل: عدم استحقاقه للأجر على فعل نفسه لا يستلزم عدمه بالنسبة إلى ما وقع لغيره. فالجواب أنه عامل لنفسه فقط؛ لأنه الأصل وعمله لغيره مبني على أمر مخالف للقياس فاعتبر الأول، ولأنه ما من جزء يحمله إلا وهو شريك فيه فلا يتحقق تسليم المعقود عليه؛ لأنه يمنع تسليم العمل إلى غيره فلا أجر عناية وتبيين ملخصا. وفي غاية البيان: طعام بين اثنين ولأحدهما سفينة فاستأجر الآخر نصفها بعشرة دراهم جاز، وكذا لو أراد أن يطحنا الطعام فاستأجر نصف الرحى الذي لشريكه أو استأجر أنصاف جواليقه هذه ليحمل هذا الطعام إلى مكة جاز، ولو استأجر عبد صاحبه أو دابة عبد صاحبه أو دابته ليحمله أو استأجر العبد لحفظ الطعام لا يجوز سواء استأجر العبد أو الدابة كله أو نصفه ولا أجر له، والأصل أن كل ما لا يستحق الأجر إلا بإيقاع عمل في العين المشتركة لا يجوز، وكل ما يستحق بدونه يجوز فإنه تجب الأجرة بوضع العين في الدار والسفينة والرحى لا بإيقاع عمل ا هـ. ملخصا أي فإن للعبد والدابة عملا في العين المشتركة وهو الحمل أو الحفظ، أما السفينة مثلا فلا عمل لها أصلا. (قوله لنفعه بملكه) الذي ينبغي أن يقول لانتفاعه بملكه ح، وإنما كان كذلك؛ لأن المرتهن غير مالك للمنافع فلا يملك تمليكها وإنما هي للراهن ولكنه ممنوع من الانتفاع لتعلق حق المرتهن فإذا آجره فقد أبطل حقه (قوله؛ لأنه يسترد إلخ) بيانه أنه قد باعه منفعة الحمام مدة معلومة وقد استوفى المؤجر بعضها فانفسخ بقدره ثم الأجرة تثبت في ذمة المستأجر بالعقد، والقدر الذي فسخت فيه غير معلوم ولا يمكن إسقاط شيء بحسابه للجهالة فبقي جميع الأجرة على المستأجر رحمتي (قوله أو أي شيء يزرعها) أي أو ذكر أنه يزرعها ولم يذكر أي شيء يزرع. (قوله كما مر) أي أول باب ما يجوز من الإجارة، وهذه المسألة في الحقيقة تصريح بمفهوم قوله هناك وأرض للزراعة إلخ (قوله عاد صحيحا) كذا في الملتقى والغرر والإصلاح والمنح: واعترضه في الشرنبلالية بأن صحة العقد لا تتوقف على مضي الأجل بعد الزراعة بل إذا زرع ارتفعت الجهالة ا هـ. أقول: إنما ذكره ليفرع عليه قوله فله المسمى، فإنه لو بقي فاسدا وجب أجر المثل. (قوله وكذا لو لم يمض الأجل) أي يعود صحيحا، وهو إشارة إلى ما قدمناه عن الشرنبلالي، ومنشأ الاعتراض زيادة قوله عاد صحيحا، وإنما ذكره ثم اعترضه؛ لأن المصنف ذكره في تقرير شرح متنه فكان مرادا له. وقد يدفع الاعتراض بأن عوده صحيحا بعد الزرع ومضي الأجل صحيح أي بعد مجموع هذين الشيئين فليس فيه ما يقتضي توقف عوده صحيحا على مضي الأجل فتأمل. (قوله قبل تمام العقد) أي قبل تمام مدته، وقول العناية قبل تمام العقد بنقض الحاكم مما لا تقبله الفطرة السليمة فإنه ينفسخ من الأصل بنقض الحاكم فكيف يتم به وتمام الشيء من آثار بقائه طوري. (قوله كقاضي خان) وعبارته: فإن زرعها فله ما سمى من الأجر؛ لأنه عاد جائزا وهذا استحسان؛ لأن الإجارة تنعقد ساعة فساعة على حساب حدوث المنفعة، والفساد كان لأجل الجهالة فإذا ارتفعت كان الارتفاع في هذه الساعة كالارتفاع في وقت العقد فيعود جائزا. (قوله فحمله المعتاد) خرج غير المعتاد فيضمن إن هلك كما في الأتقاني. (قوله لفساد الإجارة إلخ) كذا في الدرر والمنح، والأولى قول الهداية؛ لأن العين أمانة وإن كانت الإجارة فاسدة. (قوله لما مر في الزراعة) أي من ارتفاع الجهالة قبل تمام العقد، وظاهره أنها تنقلب صحيحة بمجرد حمل المعتاد قبل بلوغه إلى بغداد وبه صرح الأتقاني، وتقدم في كلام الشارح في باب ما يجوز من الإجارة حيث قال: ولو لم يبين من يركبها فسدت للجهالة وتنقلب صحيحة بركوبها ا هـ. وهو مخالف لما تقدم عن الهداية آنفا تأمل. (قوله فسخت) أي أبطلها القاضي؛ لأن العقد الفاسد يجب نقضه وإبطاله ذخيرة. (قوله دفعا للفساد) الأولى رفعا بالراء مكان دفعا بالدال؛ لأن الفساد قائم يحتاج إلى الرفع لا غير قائم حتى يحتاج إلى الدفع فافهم إتقاني. (قوله لقيامه بعد) أي في الحال ط. (قوله والأجر والضمان لا يجتمعان) أي أجر ما بعد الجحود مع ضمان الدابة لو هلكت بعد الجحود ح. قلت: وأما أجر ما قبل الجحود فيجب وإن هلكت بعده ولا يلزم اجتماعهما لاختلاف الجهة كما مر نظيره تأمل (قوله وعند محمد يجب المسمى) أي إن سلمت الدابة. قال المقدسي في شرح الكنز: وأوجب محمد الأجر؛ لأنه سلم من الاستعمال فسقط الضمان كذا في التبيين وشروح المجمع. وأنت خبير بأن المسألة السابقة ونظائرها تؤيد ما قال ح. قلت: وفيه نظر فإنه في المسألة السابقة غير غاصب لإقراره بالإجارة وانقلابها بها صحيحة بارتفاع الجهالة كما مر. مطلب يجب الأجر في استعمال المعد للاستغلال ولو غير عقار نعم ينبغي وجوب الأجر لو مدة للاستغلال فإنه لا يختص بالعقار كما وهم، وقد أفتى في الحامدية بوجوب الأجر على مستعمل دابة الكاري مستندا للنقل كما سنذكره في الغصب، ومثله في المرادية فتنبه (قوله وفي الأشباه إلخ) كلام مجمل، وبيانه ما في الولوالجية: رجل دفع ثوبا إلى قصار ليقصره فجحده ثم جاء به مقصورا وأقر بذلك، إن قصره قبل الجحود له الأجر؛ لأن العمل وقع لصاحب الثوب، وإن بعده لا لوقوع العمل للعامل؛ لأنه غاصب بالجحود ولو كان صباغا، والمسألة بحالها إن صبغه قبل الجحود له الأجر، وإن بعده إن شاء رب الثوب أخذه وأعطاه قيمة ما زاد الصبغ فيه، وإن شاء تركه وضمنه قيمته أبيض، ولو دفع غزلا إلى نساج والمسألة بحالها، إن نسجه قبل الجحود له الأجر، وإن بعده لا أجر له والثوب للنساج وعليه قيمة الغزل، كما إذا كان حنطة فطحنها (قوله إجارة المنفعة إلخ) هذه أعم من قوله السابق أو أن يزرعها بزراعة أرض أخرى. (قوله كإجارة السكنى بالسكنى) أي سكنى دار بأخرى، فلو بحانوت يصح للاختلاف منفعة، وقيل لا يصح. ومعاوضة البقر بالبقر في الأكداس لا تجوز لاتحاد الجنس، والبقر بالحمير يجوز لاختلاف الجنس جامع الفصولين. والكدس: بالضم الحب المحصود المجموع قاموس. وفي شرح قاضي خان: وخدمة العبد والأمة جنس واحد، فإن خدم أحد هذين دون الآخر في رواية يجب أجر المثل، وفي رواية لا يجب شيء ا هـ. وفي التتارخانية: إذا قوبلت المنفعة بجنسها واستوفى الآخر عليه أجر المثل في ظاهر الرواية وعليه الفتوى. (قوله لما تقرر إلخ) تقدم الكلام فيه، وعلل بعلة أخرى وهي أن عنده من ذلك الجنس ملكا والإجارة جوزت على خلاف الجنس للحاجة. (قوله لفساد العقد) الأولى أن يقول: بحكم عقد فاسد ويكون الجار متعلقا باستيفاء ط. (قوله جاز)؛ لأنه أجير واحد وشرطه بيان لا الوقت. (قوله وإلا لا) أي والحطب للعامل ط (قوله فسد) قال في الهندية: ولو قال: هذا الحطب فالإجارة فاسدة والحطب للمستأجر وعليه أجر مثله ا هـ. ط (قوله وبه يفتى صيرفية) قال فيها: إن ذكر اليوم فالعلف للآمر وإلا فللمأمور، وهذه رواية الحاوي وبه يفتى. قال في المنح: وهذا يوافق ما قدمناه عن المجتبى ومن ثم عولنا عليه في المختصر (قوله لم يجز)؛ لأن هذا العمل من الواجب عليها ديانة «لأن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الأعمال بين فاطمة وعلي، فجعل عمل الداخل على فاطمة وعمل الخارج على علي» وأفاد المصنف آخر الباب أن استئجار المرأة للطبخ والخبز وسائر أعمال البيت لا تنعقد ونقله عن المضمرات ط. قلت: كأنه؛ لأنه واجب عليها ديانة، ثم راجعت باب النفقة فرأيته علل به وزاد ولو شريفة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قسم الأعمال إلخ، وهذا يدل على ما قدمناه من أن المفتى به عند المتأخرين في الاستئجار على الطاعات ما نصوا عليها لا كل طاعة (قوله فلا أجر)؛ لأن منفعة السكنى تعود إليها، ولأن الزوج يخرج من الدار في بعض الأوقات وعسى أن يكون عامة نهاره في السوق وتكون الدار في يد المرأة خانية. (قوله قال قاضي خان) ذكره في شرحه على الجامع الصغير. وفي الزيادات له: وما تقدم ذكره في فتاواه أفاده المصنف في المنح، وحيث ذكره في شرحه كان هو المعتمد ولهذا قال الشيخ شرف الدين قوله لا أجر. أقول: هذا قول والمفتى به وجوبه إلخ. (قوله لتبعيتها له في السكنى) فلا تمنع من التخلية والتسليم (قوله والمدة) عبر في الذخيرة وغيرها بأو فالواو هنا بمعناها. مطلب في استئجار الماء مع القناة واستئجار الآجام والحياض للسمك (قوله والنهر) هو مجرى الماء (قوله مع الماء) أي تبعا. قال في كتاب الشرب من البزازية: لم تصح إجارة الشرب لوقوع الإجارة على استهلاك العين مقصودا إلا إذا آجر أو باع مع الأرض فحينئذ يجوز تبعا، ولو باع أرضا مع شرب أرض أخرى عن ابن سلام أنه يجوز، ولو آجر أرضا مع شرب أرض أخرى لا يجوز وتمامه فيه. مطلب الإجارة إذا وقعت على العين لا تصح والحيلة فيه وذكر هنا الإجارة إذا وقعت على العين لا تصح، فلا تجوز على استئجار الآجام والحياض لصيد السمك أو رفع القصب وقطع الحطب أو لسقي أرضها أو لغنمه منها، وكذا إجارة المرعى. والحيلة في الكل أن يستأجر موضعا معلوما لعطن الماشية ويبيح الماء والمرعي، وإنما يحتاج إلى إباحة ماء البئر والعين إذا أتى الشرب على كل الماء وإلا فلا حاجة إلى الإذن إذا لم يضر بحريم البئر أو النهر. استأجر نهرا يابسا أو أرضا أو سطحا مدة معلومة ولم يقل شيئا صح وله أن يجري فيه الماء ا هـ. مطلب في أجرة الدلال [تتمة] قال في التتارخانية: وفي الدلال والسمسار يجب أجر المثل، وما تواضعوا عليه أن في كل عشرة دنانير كذا فذاك حرام عليهم. وفي الحاوي: سئل محمد بن سلمة عن أجرة السمسار، فقال: أرجو أنه لا بأس به وإن كان في الأصل فاسدا لكثرة التعامل وكثير من هذا غير جائز، فجوزوه لحاجة الناس إليه كدخول الحمام وعنه قال: رأيت ابن شجاع يقاطع نساجا ينسج له ثيابا في كل سنة. مطلب أسكن المقرض في داره يجب أجر المثل وفي الخانية: رجل استقرض دراهم وأسكن المقرض في داره، قالوا: يجب أجر المثل على المقرض؛ لأن المستقرض إنما أسكنه في داره عوضا عن منفعة القرض لا مجانا وكذا لو أخذ المقرض من المستقرض حمارا ليستعمله إلى أن يرد عليه الدراهم ا هـ. وهذه كثيرة الوقوع، والله - تعالى - أعلم.
|